يقال : خير جليس في الأنام كتاب
و أول كلمة نزلت على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كانت كلمة :
(( اقرأ ))
لتكون بداية منهج قرآني رباني كامل للبشرية جمعاء
القراءة إخوتي الكرام هي بداية كل رسالة و بداية كل حضارة و بداية كل قوة
القراءة أساس البناء و مركز الثقل
و في زمننا هذا هجر الكثيرون القراءة و هجروا حتى القرآن الكريم رغم أنه وحي و منهج و نور و شفاء لما في الصدور
هجر الناس القرآن و تاهوا في مطب القوانين الغربية و النظريات المضلة و ليتهم فهموها جيداً حتى
سأتكلم اليوم عن القراءة و أهميتها و لكن دعوني أبين لكم أولاً أن الإحصائيات الحديثة بينت أن العرب هم أقل الشعوب علاقة بالكتب و القراءة في العالم كله
و لو قارنتم بين شاب ألماني في العشرين من عمره و رجل عربي في الخمسين لوجدنا أن عدد الكتب التي قرأها الألماني في عام واحد يفوق ما قرأه الرجل العربي طوال عمره بأضعاف
طبعاً هذا واقع مؤسف و له أسبابه و أهمها الأحوال المعيشية السيئة للمواطن العربي الذي لا يفكر إلا بتحصيل لقمة العيش و لا يجد وقتا كافيا لقراءة كتاب و لا يقرأ العرب إلا بعض الصحف و المجلات التافهة مع الأسف
سأتكلم عن أهمية القراءة للإنسان و أبدأ بسؤال هام سيكون محور الجزء الأول لموضوعي عن القراءة :
(( لماذا نقرأ ))؟؟؟؟؟؟؟؟؟))
سؤال مهم جداً كبداية للموضوع ، لماذا نقرأ و ما فائدة القراءة ؟؟؟
سأبين لكم أهمية القراءة في حياتنا علنا نفهم و نغير حياتنا
أولاً و قبل كل شيء القراءة وسيلة لتحصيل العلم الشرعي
فقراءة القرآن بتدبر مع كتيب تفسير أو أسباب النزول ليفهم كل ما في كتاب الله من شرائع و أحكام و قضايا تهم حياته و آخرته على حد سواء
القرآن الكريم يا إخوتي الكرام بحر لا ينضب ففيه العلم و الأخلاق و الشرع و العبادات و المعاملات و التاريخ و العبر و الحكم و كل شيء
بالقرآن تغذي عقلك و روحك معاً ، ترتاح و تهدأ و تستنير و تتعلم
فلا تهجروا القرآن و لا تتقاعسوا في قراءته و تذكروا أن من يهجر القرآن الكريم يعتبر عدواً للرسول صلى الله عليه و سلم !!!!!
نعم و لدي الدليل و هو قوله تعالى : (( و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ، و كذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين و كفى بربك هادياً و نصيرا ))
و بعد قراءة القرآن يقرأ المسلم مثلاً و أنا أتكلم كمسلم و من حق كل شخص أن يقرأ في كتب مذهبه و دينه بالطبع
لكن المسلم يقرأ بعد القرآن كتب السنة النبوية المطهرة و كتب الفقه بمساعدة مختصين و علماء قدر المستطاع ليتعلم على الأقل أسس دينه و عباداته و تعاملاته مع البشر جميعا
ثانياً :
نقرأ كي نوسع مداركنا و معارفنا و قدراتنا
نقرأ في اللغات و علومها فنتعلم و نتنور ، نقرأ في التاريخ فنعتبر و نتعظ ، نقرأ في الجغرافيا فنتعرف على العالم من حولنا ، نقرأ في العلوم فنتعلم و نقرأ في المعلومات العامة فنتنور و نتثقف
و هكذا نبحر في كل مجالات الحياة من خلال كتاب و بإمكانك مثلا و من خلال كتاب عن بلد ما أن تشعر و كأنك زرت هذا البلد و تجولت في شوارعه و مدنه
و من لا يقرأ ينعزل و تضعف قدرته على التعامل مع غيره و التعايش معهم و تضيق حدود تفكيره و عقله و ينتهي إبداعه و خياله
عندما تقرأ قصة ما تفسح المجال نحو عالم الخيال و التشويق و الحركة
عندما تقرأ ترتاح و تستفيد و تتسلى بنفس الوقت
ثالثاً :
القراءة خير طريقة لاستثمار الوقت فيما ينفع
فمعظم الناس يضيعون أوقاتهم في اللعب أو المزاح أو التدخين أو التلفاز و دون أن يستفيدوا من أية دقيقة منه
و عندما نقرأ نخرج من حالة الفراغ القاتل الذي يقتل الروح تدريجياً و يسبب الكآبة و اليأس للإنسان
اقرأ كتاباً في لحظات الفراغ أو صفحة من كتاب و عندها لن تجد الفراغ و لن تحس بالوحدة و لا الملل
و تذكر بأننا محاسبون عن كل لحظة من عمرنا فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع : و منها اثنان عن الوقت : عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه ))
رابعاً :
القراءة وسيلة للتعود على البحث و التدقيق قبل التقيد بأية معلومة أو نظرية أو فكرة قد تكون خاطئة و مدمرة
فعندما تقرأ جيداً تنتبه لكل شاردة وواردة و تدقق في كل معلومة فتقي نفسك من الزلل و الوقوع في الخطأ
خامساً :
القراءة وسيلة للاعتبار من تجارب الآخرين و الاستفادة منها
فعندما تقرأ في القرآن الكريم مثلاً عن أخبار الأقوام السابقة و أحوالهم و أخطائهم و ذنوبهم التي عاقبهم الله تعالى عليها فتنتبه و تستفيد و تعتبر
و عندما تقرأ مثلاً قصة قائد ناجح أو عالم مهم أو أي تجربة لإنسان ناجح أو فاشل فعندها تتعلم من تجربته و تقتدي به و ما أجمل أن نقرأ سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و نتخذه أسوة لنا في كل حياتنا فهو سيد البشر و أحسنهم علماً و خلقاً و أكملهم عقلاً و أفصحهم لسانا ، و هو الأب و الزوج و القائد و الإمام و المربي صلى الله عليه و سلم
سادساً و أخيرا
القراءة وسيلة تربوية مهمة جداً
فعندما تقرأ كتبا في التربية الصحيحة و الأخلاق و المعاملات ستستفيد كثيراً و ستنجح في تكوين أسرة متماسكة و أبناء على أعلى درجات التربية و الأخلاق
و ما أجمل أن نتعلم من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم جميعا و الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعا و التابعين و السلف الصالح رحمهم الله جميعا
فعندهم نجد النور و البيان و التربية السليمة الصحيحة
و هكذا بينت لكم أهمية و دور القراءة في حياتنا و هي دعوة للتفكير بطريقة مختلفة وأتمنى أن نتفق معاً على البدء من اليوم بقراءة جزء من القرآن الكريم كي نبدأ مشوارنا مع القراءة و القرآن الكريم خير بداية و خير جليس
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته