هناك آيات وأحاديث تدل على جواز الصلاة على رسول الله، وهو الأمر الذيوصف
فيه الرسول من لا يفعله بالبخيل حيث قال فيما رواه البخاري والترمذي
قال
صلى الله عليه وسلم أيضاً: رَغمَ أنفُ رجل ذكرت عنده فلم يصل عليَّ. رواه البخاري
في الأدب المفرد، ورواه الترمذي أيضاً.معنى الصلاة والسلام على النبي :
قال الله
تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
[الأحزاب:56].
قال ابن كثير رحمه الله: ( المقصود من هذه الآية أن
الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى
بأنه تصلي عليه الملائكة ثم أمر الله تعالى العالم السفلي بالصلاة والسلام
عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً ) أ.هـ.
قال
ابن القيم - رحمه الله تعالى - في جلاء الأفهام: ( والمعنى أنه إذا كان
الله وملائكته يصلون على رسوله فصلوا عليه أنتم أيضاً صلوا عليه وسلموا
تسليماً لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته، من خير شرف الدنيا والآخرة )
أ.هـ.
وقد ذُكر في معنى الصلاة على النبي أقوال كثيرة، والصواب ما
قاله أبو العالية: إن الصلاة من الله ثناؤه على المصلي عليه في الملأ
الأعلى أي عند الملائكة المقربين - أخرجه البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً
به - وهذا أخص منه في الرحمة المطلقة - وهذا ترجيح سماحة الشيخ محمد بن
عثيمين.
والسلام: هو السلامة من النقائص والآفات فإن ضم السلام إلى
الصلاة حصل به المطلوب وزال به المرهوب فبالسلام يزول المرهوب وتنتفي
النقائص وبالصلاة يحصل المطلوب وتثبت الكمالات - قاله الشيخ محمد بن
عثيمين.
حكم الصلاة على النبي :
أما في التشهد الأخير فهو ركن من أركان الصلاة - عند الحنابلة.
وقال
القاضي أبو بكر بن بكير: ( افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه ويسلموا
تسليماً، ولم يجعل ذلك لوقت معلوم. فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل
عنها ).
المواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي ويرغب فيها:
1- قبل الدعاء:
قال
فضالة بن عبيد: سمع النبي رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل على النبي فقال
النبي : { عجل هذا! } ثم دعاه فقال له ولغيره: { إذا صلى أحدكم فليبدأ
بتحميد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي، ثم ليدع بعد بما يشاء }
[رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد بإسناد صحيح وصححه
ابن حبّان والحاكم ووافقه الذهبي].
وقد ورد في الحديث: { الدعاء محجوب حتى يصلي الداعي على النبي } [رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات].
وقال
ابن عطاء: ( للدعاء أركان وأجنحة وأسباب وأوقات. فإن وافق أركانه قوي، وإن
وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح.
فأركانه:
حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه الأسباب،
وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على النبي ).
2- عند ذكره وسماع اسمه أو كتابته:
قال
: { رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ } [رواه الترمذي وقال حديث حسن
غريب من هذا الوجه والحاكم وقال الألباني إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح].
3- الإكثارمن الصلاة عليه يوم الجمعة:
عن
أوس بن أوس قال، قال رسول الله : { إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا
عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ.. } الحديث [رواه أبو داود
بإسناد صحيح وأخرجه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي].
4- الصلاة على النبي في الرسائل وما يكتب بعد البسملة:
قال
القاضي عياض: ( ومن مواطن الصلاة التي مضى عليها عمل الأمة ولم تنكرها:
ولم يكن في الصدر الأول، وأحدث عند ولاية بني هاشم - الدولة العباسية -
فمضى عمل الناس في أقطار الأرض. ومنهم من يختم به أيضاً الكتب ).
5- عند دخول المسجد وعند الخروج منه:
عن
فاطمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : { إذا دخلت المسجد فقولي بسم
الله الرحمن الرحيم والسلام على رسول الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
واغفر لنا وسهل لنا أبواب رحمتك فإذا فرغت فقولي ذلك غير أن قولي: وسهل لنا
أبواب فضلك } [رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني بشواهده].
كيفية الصلاة والتسليم على النبي :
قال
الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
[الأحزاب:56] فالأفضل أن تقرن الصلاة والسلام سوياً استجابةً لله عز وجل
فهذا هو المجزئ في صفة الصلاة عليه الصلاة والسلام.
وعن أبي محمد بن
عجرة قال: خرج علينا النبي فقلت: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك
فكيف نصلي عليك؟ فقال: { قولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما
باركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد } [متفق عليه].
وعن أبي حميد
الساعد قال: قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: { قولوا اللهم صل على
محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه
كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد } [متفق عليه]