تطاولَ بالجمانِ ليلي فلمْ تكنْ | تهمُّ هوادي نجمهِ أن تصوبا |
أبيتُ أراعيها كأنيموكلٌ | بها لا أُريدُ النّوْمَ حَتّى تَغَيّبَا |
إذا غارَ منها كوكبٌ بعدَ كوكبٍ | تُرَاقِبُ عَيْني آخِرَ اللَّيلِ كَوْكبا |
غَوَائِرُ تَتْرَى من نجُومٍ تَخَالُها | مَعَ الصّبْحِ تَتْلُوها زَوَاحِفَ لُغَّبا |
أخَافُ مُفَاجَاة َ الفِرَاقِ بِبَغْتَة ٍ، | وصرفَ النوى من أن تشتّ وتشعبا |
وأيقنتُ لما قوضَ الحيُّ خيمهمْ | بِرَوْعاتِ بَيْنٍ تَترُك الرّأسَ أشْيَبَا |
وَأسْمَعَكَ الدّاعي الفَصِيحُ بفُرْقَة ٍ، | وقدْ جَنَحَتْ شمسُ النّهارِ لِتَغْرُبا |
وَبيّنَ في صَوْتِ الغُرَابِ اغتِرَابُهُمْ، | عَشِيّة َ أوْفَى غُصْنَ بانٍ، فَطَرّبَا |
وَفي الطّيرِ بالعَلْيَاءِ إذ عَرَضَتْ لَنَا، | وَمَا الطّيرُ إلاّ أن تَمُرّ وَتَنْعَبَا |
وكِدتُ غَداة َ البعينِ يَغْلِبُني الهوَى ، | أُعَالِجُ نَفْسي أنْ أقُومَ فأرْكَبَا |
وكيفَ ولا ينسى التصابيَ بعدما | تجاوَزَ رَأسَ الأرْبَعينَ وَجَرّبَا |
وقدْ بَانَ ما يأتي من الأمرِ، واكْتَسَتْ | مَفَارِقُهُ لَوْناً مِنَ الشّيْبِ مُغْرَبا |
أتجمعُ شوقاً إن تراختْ بها النوى | وصداً، إذا ما أسقبتْ، وتجنبا |
إذا أنبتّ أسبابُ الهوى ، وتصدعتْ | عَصَا البَينِ لم تسطِعْ لِشعثَاءَ مَطْلَبا |
وكيْفَ تَصَدّي المرْءِ ذي اللبّ للصِّبَا، | وَلَيْسَ بمَعْذُورٍ، إذا ما تَطَرَّبَا |
أطيلُ اجتناباً عنهمُ، غيرَ بغضة ٍ | وَلكِنّ بُقْيَا رَهْبَة ٍ وَتَصَحُّبَا |
ألا لا أرَى جاراً يُعلِّلُ نَفْسَهُ | مطاعاً، ولا جاراً لشعثاءَ معتبا |