«على اليهود مغادرة فلسطين والعودة إلى بولندا وألمانيا» كانت هذه العبارة التى أشعلت نارا لا تريد أن تنطفئ حول واحدة من أهم وأشهر الصحفيات الأمريكيات.
فعلى هامش حديثها مع الحاخام دافيد نسينوف، الذى كان يحضر أحد الفاعليات فى البيت الأبيض للاحتفال بشهر التراث اليهودى، قالت عميدة الصحافة الأمريكية هيلين توماس، إن حل الصراع فى الشرق الوسط سهل وبسيط ويتمثل فى «عودة اليهود إلى ديارهم التى جاءوا منها فى بولندا وألمانيا، وتذكروا أن هؤلاء الأشخاص محتلون».
على الفور أعلنت شركة العلاقات العامة «المتحدثون التسعة»، إلغاء تعاقدها مع هيلين لإلقاء خطب مقابل عائد مادى جيد.
وقال بيان الشركة «لقد كان موضوعا صعبا، فالسيدة هيلين لها من الخبرة الصحفية الكثير، وكانت نموذجا جيدا للنساء الناجحات، إلا أنه فى ضوء الأحداث الأخيرة، لن نكون ممثلين للسيدة هيلين توماس بعد اليوم، ولا نستطيع التسامح فى تعليقاتها حول الشرق الأوسط».
هيلين واحدة من السيدات الـ25 الأكثر تأثيرا فى العالم، ولها مقعد دائم فى الصف الأول بين الصحفيين المعتمدين بالبيت الأبيض داخل قاعة المؤتمر الصحفى، وهو شرف كبير لم ينله الكثيرون فى تاريخ الصحافة الأمريكية.
وانتشرت كلمات هيلين وهى الآن كاتبة عمود فى صحيفة «هيرست»، ضمن مقاطع فيديو على موقع «يوتيوب»، وشاهده حتى مساء يوم الأحد مليون ومائة ألف شخص، مما أثار جدلا واسعا خصوصا بين أوساط اليهود الأمريكيين، ووجهت إليها انتقادات لاذعة. وهيلين من أصول لبنانية وواكبت عشرة رؤساء منذ انتخاب الرئيس جون كنيدى، وعملت لمدة ستين عاما مراسلة لوكالة أنباء يونايتد برس فى البيت الأبيض ولاحقا رئيسة لقسم البيت الأبيض.
ورغم أن الانتقادات اللاذعة التى تتلقاها عميدة الصحفيين الأمريكيين دفعت هيلين توماس إلى الإعراب عن أسفها العميق على تعليقها المثير فإنها سرعان ما استردت شراستها فى مواجهة المسئولين الأمريكيين. فخلال مؤتمر صحفى بالبيت الأبيض الأسبوع الماضى قالت هيلين تعليقا على تجنب المتحدث الرسمى باسم البيت الأبيض روبرت جيبس إدانته هجوم إسرائيل على أسطول الحرية،
واصفة موقف بلادها منذ البداية من المجزرة «كجريمة دولية ومجزرة متعمدة»، بأنه «موقف يرثى له.. ماذا تعنى بقولك إنك تأسف لما كان من الواجب إدانته بشدة وصرامة أكثر؟ وأى علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أى نجدة لهم وتحاصرهم.. الأسف لن يعيد الحياة لمن قتلوا».
وأكد العديد من المسئولين الأمريكيين السابقين من إدارتى بوش الجمهورية، وكلينتون الديمقراطية إنزعاجهم الشديد مما ذكرته هيلين، وطالب المتحدث الرسمى السابق باسم البيت الأبيض آرى فليتشر «بضرورة فصلها من صحيفة هيرست، حيث تعمل ككاتبة عمود، ويجب أن تنزع عنها بطاقتها الصحفية المعتمدة فى البيت الأبيض».
أما لانى ديفيدز، المستشار السابق للرئيس الأمريكى، فقد وصف هيلين بأنها «إنسانة معادية للسامية»، وقالت ماذا سيكون رد فعل الجماعة الصحفية الأمريكية إذا ما طلبت هيلين من كل الأمريكيين الملونين أن يعودوا إلى أفريقيا. وتتزايد المطالب الداعية إلى طرد هيلين من جمعية مراسلي البيت الأبيض المرموقة فى واشنطن وهى الجمعية التى تحتضن كل مراسلى البيت الأبيض الدائمين.