أطل طفل الصيف بهيا ، مشرق
المحيا ، . . . نشط الحركة كالفراش ، ترسل ألوان دفئها على أحشاد
المصطفين . . . ، الأطفال يبنون قصور أحلامهم ، يجدون قبل أن تأتي
الأمواج متسللة في غفلة منهم ، لتهد الأحلام القصور .
نظر قاسم إلى الأفق . . لاحت له عند مغيب الشفق غيمة ، تحول
بنظره ؛ رآه يضوي من شدة حصار الليل ، والأنواء . . . أسرع يكد السير
نحو خيمته الصغيرة التي رس أوتادها تحت شجرة زيتون ، أحرقت أكفها منذ ردح
ــ لايهم متى ــ المهم أن لها بقايا ظل الزيتون لعلها تقيه هجير غذ .
استدار نحو الصبية ، فإذا الموج بين مد وجزر على الشاطيء . .
. وفي حركتهما كانت القصور تهد ، فيقبل قاسم ورفاقه على ترسيس حبات الرمل
، كي يعيدوا ترميم قصورهم بلا كلل أو تراخ .
لم يأبه لا هو ولا أحد من رفاقه بطوق الموج يشد خناقه على
أحلامهم . . . حتى إذا ما لون الشفق تورد ، وتخضب الأصيل . . . لمحوا
شيئا يأتيهم من بين أكف الموج ، يشقها شقا هادرا . . . ، احتسبوا الأمر
حوتا من جنس الدنافيل شق عليه ملاذ البحر ، فالتجأ إلى الشاطئ كي يتنسم
هواءا ، أو لعله شقي بحياة الموج ولم يعد يطمئن لرقتها ، فارتمى على الساحل
الذهبي المخضب بتبر الشفق . . .
لم يحد ورفاقه عن رس حبات الرمل التبرية . . . وانغمس الكل
في الرس ، تلو الرس . . . والصوت الهادر يقوى ويدنو مجلجلا مزلزلا . .
. . حتى ارتطم بالساحل ، فتطاير من كان هناك . . . فراشا بلون قوس
قزح لونت أجنحتها .