عبدالله بن رواحة (؟ - 8 هـ) هو أبو محمد عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي. صحابي كان يكتب في الجاهلية ويقول الشعر، شهد العقبة نقيباً عن أهله، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين المقداد، شارك في غزوة بدر وكان أول من خرج للمبارزه مع اثنين من الأنصار لكن عتبة بن ربيعة ابى الا ان يبكون النزال مع قريش فخرج حمزه ورفاقه علي و عبيده بن الحارث،وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة ليبشر المسلمين بالنصر، وشهد ما بعدها من المشاهد إلى أن استشهد في غزوة مؤتة. كان كثير التعبد لله فكان إذا لقي الرجل من أصحابه يقول له: تعال نؤمن ساعة.
أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «رحم الله عبدالله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة». وقال أيضا: «نعم الرجل عبدالله بن رواحة». وروي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول: اجلسوا. فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته، فقال له: زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله. وكان أول خارج إلى الغزو وآخر قافل منه.
شعره في النبي محمد
كان أحد الشعراء الثلاثة الذين تصدوا للمشركين ودافعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين. ومن شعره في النبي صلى الله عليه وسلم:
أنت النبي ومن يحرم شفاعته يوم الحساب فقد أزرى به القـدر
فثبت الله ما آتاك من حسـن تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «وأنت فثبتك الله يا بن رواحة».
ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم قول عبدالله بن رواحة:
لولم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تنبيك بالخبر
وفي عمرة القضاء قال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم:
خلو بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تأويله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر بن الخطاب: «يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله؟». فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خل عنه ياعمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال».
وفي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم وأمّـر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة، فإن استشهدوا فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم. ولما أرادوا الخروج بكى عبدالله، فقالوا: «ما يبكيك يا بن رواحة؟» فقال: «أما والله مابي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟» فقال المسلمون: «صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم»، فأجابهم عبدالله مبيناً تطلعه إلى الشهادة:
لكنني أسأل الرحمـن مغفـرة وضربة ذات فرع يقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حـران مجـهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشـدا
ثم ساروا حتى بلغوا بادية الشام فعلموا بأن الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف. فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا إلى رسول الله ليعلموه فشجعهم عبدالله بن رواحة على المضي إلى الجهاد. وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول:
إذا أدنيتني وحملت رحلـي مسيرة أربع بعد الحســاء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائـي
وجاء المؤمنـون وغادروني بأرض الشام مشهور الثّواء
فبكى زيد، فضربه عبدالله بالدرة وقال: «ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت». ولمادار القتال استشهد زيد وجعفر فحمل الراية عبدالله وهو يقول:
يا نفـس إلا تُـقـتَـلي تمـوتـي
هـذا حياض الموت قد صليت
ومــا تـمـنـيـت فــقــد لــقـيـت
إن تـفـعــلي فـعلـهـمـا هـديـت
وإن تـأخــرت فــقـد شـــقـيـت
ثم قال: «يا نفس إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فلانة -امرأته- فهي طالق وإلى فلان وفلان -غلمانه- فهم أحرار وإلى بستان له فهو لله ولرسوله». ثم قال:
يانفس مالك تكرهين الجنة أقسم بالله لتنزلنــه
طائعة أو لتكرهنــــه فطالما قد كنت مطمئنة
فاندفع يقاتل ببسالة لا مثيل لها، فطعن فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه وقال: «يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم»، وظل يقاتل حتى لقي ربه. وأخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل في الغزوة فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بذلك والمعركة مازالت تدور. ولعبدالله بن رواحة ديوان شعر معظمه في الدفاع عن الإسلام وهجاء المشركين وحض النفس على التقوى و الجهاد وطلب الشهادة.