اخوة في الرضاعة ,
الذين تتبعوا اشغال مؤتمر القمة العربية في مدينة سرت الليبية,بحثا عن تسلية مفترضة وضحك مفقود,احسوا بخنجرعميق يندس في قلوبهم,وتحولت الرغبة في الضحك الى رغبة في البكاء وهم يستمعون الى كلمة رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان,الذي تحدث الى القادة العرب في المؤتمر,ولقد نزع عنهم لباسهم قطعة قطعة ليتركهم عراة امام شعوبهم.
اردوغان كان يتكتم بصراحة متناهية,وبلغة شفافة ومباشرة,وهذا درس اول لكل اولئك الزعماء الدين جعلوا لغة الخشب اسلوبهم المفضل في مخاطبة الناس.
اردوغان ليس عربيا,وكان يتحدث اللغة التركية,وهذا درس ثان للمفتونين بلغات الاجانب وتقليد المستعمر حتى في لغته.
فوق هذا وذاك,يبدو اردوغان وكانه اكثر غيرة من العرب على مقدسات العرب,وعندما كان يتحدث في المؤتمر عن القدس وفلسطين فانه كان يبدو وكانه يمسك بكل زعيم عربي على حدة ويصرخ في وجهه.
الذين تتبعوا كلمة اردوغان احسوا بمزيج من الغبن و الخجل.زعيم غير عربي يدخل قلوب مئات الملايين من العرب ويخاطبهم بما يفهمونه,وزعماء العرب نائمون في تابوت لغة الخشب.
كلمة اردوغان جعلت مئات الملايين من العرب يتساءلون ايضا حول ما ان كان التخلف مرتبطا بالعروبة ام باسباب اخرى.فتركيا,التي توجد في قلب المنطقة العربية,تسير بسرعة اوربية,بينما جيرانها العرب غارقون في التخلف حتى الاذنين.هناك مثال آخر وهو ايران الفارسية,التي تحولت الى قوة كبرى في المنطقة,وتتحدى الغرب بصناعتها النووية,بينما جيرانها العرب الغارقون في ملايين النفط حتى العنق,لا يستطيعون التململ,وكل ما انتجوه هو "صناعة نووية نسائية"على قضائياتهم الفضائحية امغنيات يتغنجن في غرف النوم.
تركيا وايران يسيرانبوتيرة نمو سريعة,وتحاولان التقرب من العرب رغم انهما ليستا في حاجة اليهم,لكن العرب لايريدون التقرب منهما,بل المعضلة هي ان العرب حولواالصراع مع "اسرائيل"نحو وجهة مختلفة تماما ,وهي الصراع بين السنة و الشيعة...
تركيا تحتفظ بعلاقات قوية مع "اسرائيل",عسكريا واقتصاديا,ومع ذلك فانها لاتجاملها,والعرب يزعمون انهم اعداء "اسرائيل",لكنهم يزحفون نحوها سرا وعلنا وبكل الطرق الممكنة.
تركيا و ايران تقدمان الى العرب نموذجا لتحالف في كت المجالات,لكن العرب يريدون تحالفا من نوع آخر تماما.
انهم يريدون شيئا واحدا فقط,ان يناموا في حضن ماما امريكا,وان يرضعوا من ثديها,ولا مشكلة لديهم في ان يرضعوا من الثدي نفسه الذي ترضع منه "اسرائيل"..فيتحول الاعداء السابقون الى اخوة في الرضاعة...وينتهي كل شيء.